دورات تنمية الذات.. الشعوذة الفكرية....وحصاد الهشيم
المشكلة الكبرى حينما تروج أمثال هذه الأخطاء القاتلة حتى تصبح مرجعا للدورات التدريبية ويتشربها المتدربون بما فيهم التربويون ثم يبدأون في تطبيقها في الميدان التربوي كمسلمات ..مع أن كثيرا منها...لتنتج لنا فيما بعد حصاد الهشيم...(تحياتي لكم..أبو بكر)
كتب الدجل المعرفي، والشعوذة الفكرية ..
د.أنوار عبد الله أبو خالد- صحيفة الرياض
**** أكثر مايحز في نفسي حين تأتيني في عيادتي (سيدة محبطة) ، تشكو الكآبة ، وتئن من اليأس ، وتسب واقعها الذي يرفض ان يتعدل او يتغير مهما حاولت ان تفعل ، وعندما أسألها ماذا صنعتِ لمحاولة تغيير واقعك؟ ، تخبرني انها قرأت كتبا في ادارة الذات وتعديل البرمجة اللغوية العصبية ، وحضرت دورات تدريبية في تطوير المهارات ، ولكنها لا زالت بلا زوج وبلا عمل وبلا هدف وبلا سعادة ، وعندما أسألها عن خطواتها العملية الفعلية التي تتطلب فكرا وحركة وعملا لتغيير هذا الواقع ، فإنها لن تحير لي جوابا ..
**** هل يعقل في هذا الوقت الذي تنور العالم فيه بنور المعرفة والعلم والتجربة ، ان تأتينا كتب حديثة غصت بها المكتبات ، تخلط العلم بالشعوذة الشرقية ، وكتب تزوق المعرفة بالاوهام الغربية ، وكتب تستخرج من الطقوس الوضعية هرطقات جاهلية ، ومن التقاليد البائدة اسرارا كاذبة؟! كتب اهدافها مشبوهة فأهداف ترتبط بالارباح المادية ، واهداف لزعزعة ايماننا وعقيدتنا وقيمنا الاخلاقية والاجتماعية وبمسلمات العقل والمنطق ، كتب تنتسب زورا وبهتانا الى علم النفس اوالسلوك اوتطوير الذات اوالبرمجة اللغوية العصبية او إدارة الذات ، فخلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، فأفسد الاواخر منهم ماقدمه الاوائل المحسنون ، لانهم ادخلوا في الفن ماليس منه ، واقحموا في العلم ما هو بريء منه ، وسطروا في كتبهم احلاما لايمكن ان تحدث ، واوهاما يستحيل ان تصير واقعا ، وعندما تقرأ طلاسمهم تشك احيانا في قدراتك على الفهم والاستيعاب ، فتستعين بالله وتعكف على الكتاب ساعات تعيده وتقرأه بصوت مرتفع وتتناول كاسات من الشاي والقهوة ، فلا يزداد الكلام الا تعقيدا وطلسمة ، واكثر ماتعجب له حين يقترح عليك الكتاب ان تفهم مايريده حتى وإن اصطدم بمسلّمات عقلية اوخالف حقائق فعلية ، يطلب منك ان تدخل الفيزياء الكمية في علم النفس ، او ان تقحم الرياضيات والاعداد اللانهائية في علم السلوك ، وان تدخل الكهرباء المغناطيسية وخطوط الطاقة في تطوير الذات والنفس وان تقوم بالطقوس الصوفية فتتمنى ولاتعمل وتتكل ولا تشتغل وتتمنى الاماني لتكتشف سرا عظيما اسمه قانون الجذب الساذج ..
**** كتب يقوم على تأليفها اشباه المتعلمين ، فما ان يحصل احدهم على دورة تدريبية لمدة اشهر معدودة حتى يمنح شهادة تخوله بالحديث فيما لا يحسن ، فيعقد الندوات والدورات التدريبية ويؤلف الكتب في مجال علوم النفس وتطوير الذات وتنمية المهارات ، ولكي يصبح له قيمة وتميز عمن سبقوه من العلماء المتخصصين ، فانه يخلط دجل الشرق وترهات الغرب وثقافات الامم المتخلفة وافكار الاقليات الجاهلة التي عفا عليها الزمن وقمعها العلم التجريبي ، وفضحها قبل كل هذا الوحي السماوي من لدن خالق النفس والارض والسماء ..
** مشكلة هذه الكتب انها تبيع الوهم ، وتعد الناس بالغنى ، وتبشر بالنجاح ، ولكنها وعود زائفة لا تبنى على خطوات علمية ولا على علم مقنن ولا على خبرات محققة ، فقد تعدك بالغنى بعد سنة او سنتين شريطة ان تبقى متفائلا ، اوتعدك بالنجاح والترقية شريطة تكرار كلمات كالببغاء ، او تعدك ببيت وسيارة وزوج ، شريطة ان تستخدم قانون الجذب ، واشياء اخرى لا تتناسب ابدا وعقول القراء ..
**ولأن التعميم هنا مظنة الخطأ ، فانا هنا لا اعمم فهناك كتب جيدة في هذا المجال ، ولكني انبه هنا إلى بعض الكتب والمترجمات والمحاضرات والدورات التي استغلت عقول الناس واموالهم ، بشعارات براقة ، وعبارت مبالغ فيها ، تعدهم وتمنيهم ، وماتعدهم الا الوهم والحزن والكآبة واليأس القاتل ، وهم لم يُبنَ على خطط علمية ولا على حركات فعلية تستخدم فيها العقول والايدي والارجل لتسعى في ارض الله ، وأسوأ من هذا كله انها افكار لا تتناسب مع الواقع ولا تحترمه ، بل ولا تحترم مبادئ معلم البشرية صلى الله عليه وسلم عندما قال ( اعملوا ، فكل ميسر لما خلق له ) فالعمل والحركة هي اولى خطوات تغيير الواقع ..
وعلى دروب الخير نلتقي ...
0 التعليقات :
إرسال تعليق