الخميس، 6 سبتمبر 2012

كيف تغير الصورة الذهنية لذاتك؟؟


فى أحد أركان مترو الأنفاق المهجورة، كان هناك صبى هزيل الجسم، شارد الذهن، يبيع أقلام الرصاص، ويشحذ.. مر عليه أحد رجال الأعمال، فوضع بعض النقود فى كيسه.. ثم.. استقل المترو فى عجلة، وَبعد لحظة من التفكير، خرج من المترو مرة أخرى، وَسار نحو الصبى، وَتناول بعض أقلام آلرصاص.. وأوضح للغلام بلهجة يغلب عليها الاعتذار أنه نسى التقاط الأقلام التى أراد شراءها.. وقال له: إنك رجل أعمال مثلى.. ولديك بضاعة تبيعها وأسعارها مناسبة للغـاية.. ثم استقل القطار التالى.. وبعد سنوات من هذا الموقف فى إحدى المناسبات الاجتماعية تقدّم شـاب أنيق نحو رجل الأعمال.. وقدم نفسه له قـائلاً: "إنك لا تذكرنى على الأرجح، وأنا لا أعرف حتى اسمك"، وَلكنى لن أنساك ما حييت، إنك أنت الرجل الذى أعاد إلىّ احترامى وَتقديرى لنفسى، لقد كنت أظن أننى (شحاذ) أبيع أقلام الرصاص، إلى أن جئت أنت وَأخبرتنى أننى (رجل أعمـال)، وها أنا ذا قد أصبحـت..
وهذا ما أثبتته الأبحاث، أن الصورة التى يرسمها الإنسان لنفسه يمكن أن تؤثر على الطريقة التى يفكر بها، فالناس الذين لا يقدرون أنفسهم يجدون صعوبة كبيرة فى حل المشكلات، فهم يفكرون بطريقة جامدة، ويفتقرون إلى الابتكار فى البحث عن الحلول المناسبة.. وقلما يستطيعون التعامل مع المواقف المعقدة أو الغامضة.
وعلى عكس ذلك تمامًا فإن الأفراد الذين يحترمون قدراتهم، يكونون أقدر على حل المشكلات الصعبة وفهم العلاقات المعقدة وإدراك المواقف الغامضة.. وهذا يعنى أن قدرة الإنسان على معرفة مشاعره واحتياجاته ونقاط الضعف فيه، وقبوله لهذا كله يجعله أقدر على قبول نقاط الضعف التى توجد فى غيره من الأفراد.. ولكن فى مجتمعاتنا العربية نربى الأفراد على الكبت وعدم التعبير عن أنفسهم، مما يقلل تقديرهم لذاتهم، وينتج عن ذلك تنوع فى الصور الذاتية لهم، ما بين الصورة المرآة وهى الصورة التى يروا أنفسهم من خلالها، والصورة الحالية التى يراهم بها الآخرون، والصورة المرغوبة التى يودون أن تكون صورتهم فى أذهان الآخرين، والصورة المثلى وهى أمثل صورة يمكن أن نأخذها فى الاعتبار، وينتج عن ذلك صورة مشوهة نتيجة لصراع الشخصيات المتعددة بداخلهم.. فيعتقد الفرد بأنه مصاب بالشيزوفرينيا.. 
ولكى تتخلص من الصراعات فى داخلك وترضى عن نفسك يجب أن تكون هناك صورة ذهنية واحدة لك، وهى تجمع كل أنواع الصور الذهنية السابقة، وهى الصور الصادقة.
فكن أنت ولا تتظاهر بعكس ذلك لترضى من حولك.. فإذا قُمتَ بـ تقييم السمكة على أدائها فى تسلق الأشجار.. لعاشت حياتها كلها معتقدة أنها غبية، فحياتك كلها تعتمد بشكل كبير على نظرتك لها.. فالحياة مرآة ما تراه على صفحاتها، لكن يجب أن تراه داخلك أولاً.. لأن معرفة الإنسان لنفسه تؤدى إلى حسن تقدير المواقف، وتحديد الأهداف، وتؤدى أيضًا إلى كسب ثقة الناس فيه، ونمو العلاقات السليمة الطيبة بين كل منهما.
وهذا ما أكده الروائى الفرنسى الشهير فرانسوا رابلية، عندما قال: "كيف أكون قادرًا على قيادة الآخرين إذا لم تكن لدى القدرة على قيادة نفسى".
الكاتب / مروة رسلان  http://www.almesryoon.com/permalink/23867.html

0 التعليقات :

إرسال تعليق