(هل يمكن أن يؤثر مثل هذا الموضوع على طريقة تعاطينا مع تعليم البنات وتربيتهن ؟..تحياتي لكم ..أبو بكر)
قبل أكثر من ثلاثة عقود وضع أحد المتخصصين الأميركيين في علم النفس كتاباً شيقاً بعنوان «الرجال من كوكب المريخ والنساء من المشتري»، بمعنى أن الاختلافات بين الجنسين أكبر مما يعتقد البعض، فلكل منهما طريقته المختلفة في فهم الحياة.. للكلمات معان مختلفة بين الرجل والمرأة، وكذلك الإشارات والمشاعر والأحاسيس، فكل منهما يفهمها بصورة مختلفة.
وقبل أسابيع أدخل البروفيسور في علم النفس ديفيد أموديو من جامعة نيويورك تعديلاً غير عادي الى تلك المقولة، إذ أشار في محاضرة ألقاها أمام طلبة جامعة تكساس في أوستن إلى أن الأبحاث التي أجراها، أو أشرف عليها، أثبتت أن الرجال إذا كانوا من كوكب المشتري فالنساء حتماً من كوكب الشعور بالندم.
في مقدمة محاضرته روى حكاية سيدة جاءت إليه تقول: «أعيش الشعور بالندم منذ وعيت هذه الدنيا.. أندم لأني لم أكن أتصل كما يجب بوالدتي.. أندم لعدم تلبية دعوة صديقة عزيزة لحضور حفل زفافها.. بل انني أندم لأني صفقت الباب على قدم شقيقي الصغير قبل أن أكمل السنوات الخمس من عمري.. حاولت ألا يستنزفني الشعور بالندم على أخطائي، لكن هذا الشعور كان يعاود التربع وسط دماغي بين الحين والآخر، خاصة حين أغمض عيني أملاً بالنوم والراحة بعد عناء يوم كامل».
ومضت السيدة قائلة انها أصبحت في الفترة الأخيرة تعيش تحت هاجس الخوف من أن تنسى مناسبة لدى صديقة أو زميلة، فقد باتت حريصة على عدم تكرار أخطاء الأمس.. بل ان هذا القلق امتد في السنوات الأخيرة إلى الرسائل الإلكترونية التي باتت حريصة على متابعتها أكثر من مرة كل يوم حتى لا يفوتها الرد على رسالة بعث بها صديق.
وتختم بالقول ان الإرادة القوية التي تتمتع بها توفر لها ما يكفي من دروس الماضي لتتعلم منها خاصة بعد أن قرأت دراسة علمية تقول ان المرأة «مصمَّمَة» على أن تتعود الندم.
تعريف الندم
يعود المحاضر لشرح ماهية الشعور بالندم فيقول انه شعور داخلي ينتاب الإنسان حين يعتقد أنه أساء الى الغير بالقول أو الفعل.. إنه شعور مزعج أو على الأقل غير مريح بالنسبة لغالبية الناس وليس جميعهم، وبالتالي يدفعهم لمحاولة استرجاع ما قالوه أو فعلوه وهو أقرب إلى المستحيل.
ويضيف قائلاً ان رد الفعل لدينا هو الشعور بالتعاطف مع أولئك الذين أسأنا إليهم بالقول أو الفعل، حتى لو لم نكشف للآخرين حقيقة مشاعرنا. وإذا ما قبلنا تحمل المسؤولية عما حدث يتحول الشعور بالتعاطف إلى وجع حقيقي وهذا هو الندم.
الندم نوعان
يقول المتخصصون ان الندم نوعان: عاطفي وأخلاقي.. الأول مجرد شعور نظري قد يسيطر على المرء حتى لو لم يرتكب ذنباً.. أما الأخلاقي فهو الندم الحقيقي لأن المرء في هذه الحالة يلوم نفسه، بل يمكن أن يصل الأمر إلى درجة أن يجلد نفسه بسياط التقريع. وقد يجتمع النوعان وهنا تكون محاسبة الذات وإصدار الأحكام القاسية.
وخلال العقود الماضية انهمك المتخصصون في فهم وتحديد الأهداف النفسية للشعور بالندم أو الشعور بالذنب، وكما تقول مجلة «ساينس ديلي» Science Daily فبعض المتخصصين يعتقدون أن المشاعر العقابية تدفع من يشعر بالندم إلى الانسحاب من المجتمع على أمل تجنب تكرار الخطأ الذي ارتكبه، في حين يعرب آخرون عن اعتقادهم أن الشعور بالندم قوة إيجابية تحافظ على المعايير السليمة والأخلاقية للمجتمع.
إدمان الندم
يؤكد البروفيسور أموديو أن الخط الفاصل بين نوعي الشعور بالندم غير واضح تماماً، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن الشعور بالندم يرتبط بالرغبة في الانسحاب من المجتمع والابتعاد عن الناس. وقد تتاح للبعض فرصة تصحيح أخطائهم لكن الأمر وبغض النظر عن نوع الندم أو أسبابه يعتمد على جنس الفاعل.. رجل أو امرأة.
ففي بحث مستفيض أجري في أسبانيا عام 2010 جرى استطلاع آراء ثلاث مجموعات من الناس.. 156 مراهقاً و96 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 25 عاماً و35 عاماً.. أما الفئة الثالثة فلمن تجاوز الأربعين ولم يكمل الخمسين وكانت تضم 108 أشخاص. وحرص القائمون على الدراسة أن تكون كل مجموعة مؤلفة من الرجال والنساء وبأعداد متساوية.
السؤال الموحد لجميع المشاركين هو: ما الموقف الذي يثير في داخلك الشعور بالندم أكثر من غيره؟
وتبين في النهاية أن النساء في الفئات الثلاث تملكهن الشعور بالندم أكثر من الرجال، إلى درجة أن أحد المشاركين في البحث قال ان النساء مدمنات على الندم والشعور بالذنب.
صفة بشرية
يختم الباحث الأميركي محاضرته بالقول ان الإنسان ما لم يكن مريضاً في عقله أو يتصف بالعدوانية، فمن المستحيل أن يعيش حياته من دون أن يؤنبه ضميره بين الحين والآخر على ما فعل ضد هذا أو قال ضد ذاك.
ويضيف: لسنا ملائكة، فكثيراً ما نفعل أشياء يجب ألا نفعلها، ونقول أشياء لا يجوز أن نقولها.. نؤذي الآخرين ربما من دون قصد.. ننسى أشياء يجب ألا تغيب عن بالنا.. وبغض النظر عن التفاصيل فالدرس الذي يجب علينا أن نتعلمه هو أننا بشر، والشعور بالذنب أو الندم صفة بشرية، لكن المهم أن نتعلم من أخطائنا ومن أخطاء غيرنا لأننا لن نعيش حتى نجربها كلها.
قبل أكثر من ثلاثة عقود وضع أحد المتخصصين الأميركيين في علم النفس كتاباً شيقاً بعنوان «الرجال من كوكب المريخ والنساء من المشتري»، بمعنى أن الاختلافات بين الجنسين أكبر مما يعتقد البعض، فلكل منهما طريقته المختلفة في فهم الحياة.. للكلمات معان مختلفة بين الرجل والمرأة، وكذلك الإشارات والمشاعر والأحاسيس، فكل منهما يفهمها بصورة مختلفة.
وقبل أسابيع أدخل البروفيسور في علم النفس ديفيد أموديو من جامعة نيويورك تعديلاً غير عادي الى تلك المقولة، إذ أشار في محاضرة ألقاها أمام طلبة جامعة تكساس في أوستن إلى أن الأبحاث التي أجراها، أو أشرف عليها، أثبتت أن الرجال إذا كانوا من كوكب المشتري فالنساء حتماً من كوكب الشعور بالندم.
في مقدمة محاضرته روى حكاية سيدة جاءت إليه تقول: «أعيش الشعور بالندم منذ وعيت هذه الدنيا.. أندم لأني لم أكن أتصل كما يجب بوالدتي.. أندم لعدم تلبية دعوة صديقة عزيزة لحضور حفل زفافها.. بل انني أندم لأني صفقت الباب على قدم شقيقي الصغير قبل أن أكمل السنوات الخمس من عمري.. حاولت ألا يستنزفني الشعور بالندم على أخطائي، لكن هذا الشعور كان يعاود التربع وسط دماغي بين الحين والآخر، خاصة حين أغمض عيني أملاً بالنوم والراحة بعد عناء يوم كامل».
ومضت السيدة قائلة انها أصبحت في الفترة الأخيرة تعيش تحت هاجس الخوف من أن تنسى مناسبة لدى صديقة أو زميلة، فقد باتت حريصة على عدم تكرار أخطاء الأمس.. بل ان هذا القلق امتد في السنوات الأخيرة إلى الرسائل الإلكترونية التي باتت حريصة على متابعتها أكثر من مرة كل يوم حتى لا يفوتها الرد على رسالة بعث بها صديق.
وتختم بالقول ان الإرادة القوية التي تتمتع بها توفر لها ما يكفي من دروس الماضي لتتعلم منها خاصة بعد أن قرأت دراسة علمية تقول ان المرأة «مصمَّمَة» على أن تتعود الندم.
تعريف الندم
يعود المحاضر لشرح ماهية الشعور بالندم فيقول انه شعور داخلي ينتاب الإنسان حين يعتقد أنه أساء الى الغير بالقول أو الفعل.. إنه شعور مزعج أو على الأقل غير مريح بالنسبة لغالبية الناس وليس جميعهم، وبالتالي يدفعهم لمحاولة استرجاع ما قالوه أو فعلوه وهو أقرب إلى المستحيل.
ويضيف قائلاً ان رد الفعل لدينا هو الشعور بالتعاطف مع أولئك الذين أسأنا إليهم بالقول أو الفعل، حتى لو لم نكشف للآخرين حقيقة مشاعرنا. وإذا ما قبلنا تحمل المسؤولية عما حدث يتحول الشعور بالتعاطف إلى وجع حقيقي وهذا هو الندم.
الندم نوعان
يقول المتخصصون ان الندم نوعان: عاطفي وأخلاقي.. الأول مجرد شعور نظري قد يسيطر على المرء حتى لو لم يرتكب ذنباً.. أما الأخلاقي فهو الندم الحقيقي لأن المرء في هذه الحالة يلوم نفسه، بل يمكن أن يصل الأمر إلى درجة أن يجلد نفسه بسياط التقريع. وقد يجتمع النوعان وهنا تكون محاسبة الذات وإصدار الأحكام القاسية.
وخلال العقود الماضية انهمك المتخصصون في فهم وتحديد الأهداف النفسية للشعور بالندم أو الشعور بالذنب، وكما تقول مجلة «ساينس ديلي» Science Daily فبعض المتخصصين يعتقدون أن المشاعر العقابية تدفع من يشعر بالندم إلى الانسحاب من المجتمع على أمل تجنب تكرار الخطأ الذي ارتكبه، في حين يعرب آخرون عن اعتقادهم أن الشعور بالندم قوة إيجابية تحافظ على المعايير السليمة والأخلاقية للمجتمع.
إدمان الندم
يؤكد البروفيسور أموديو أن الخط الفاصل بين نوعي الشعور بالندم غير واضح تماماً، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن الشعور بالندم يرتبط بالرغبة في الانسحاب من المجتمع والابتعاد عن الناس. وقد تتاح للبعض فرصة تصحيح أخطائهم لكن الأمر وبغض النظر عن نوع الندم أو أسبابه يعتمد على جنس الفاعل.. رجل أو امرأة.
ففي بحث مستفيض أجري في أسبانيا عام 2010 جرى استطلاع آراء ثلاث مجموعات من الناس.. 156 مراهقاً و96 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 25 عاماً و35 عاماً.. أما الفئة الثالثة فلمن تجاوز الأربعين ولم يكمل الخمسين وكانت تضم 108 أشخاص. وحرص القائمون على الدراسة أن تكون كل مجموعة مؤلفة من الرجال والنساء وبأعداد متساوية.
السؤال الموحد لجميع المشاركين هو: ما الموقف الذي يثير في داخلك الشعور بالندم أكثر من غيره؟
وتبين في النهاية أن النساء في الفئات الثلاث تملكهن الشعور بالندم أكثر من الرجال، إلى درجة أن أحد المشاركين في البحث قال ان النساء مدمنات على الندم والشعور بالذنب.
صفة بشرية
يختم الباحث الأميركي محاضرته بالقول ان الإنسان ما لم يكن مريضاً في عقله أو يتصف بالعدوانية، فمن المستحيل أن يعيش حياته من دون أن يؤنبه ضميره بين الحين والآخر على ما فعل ضد هذا أو قال ضد ذاك.
ويضيف: لسنا ملائكة، فكثيراً ما نفعل أشياء يجب ألا نفعلها، ونقول أشياء لا يجوز أن نقولها.. نؤذي الآخرين ربما من دون قصد.. ننسى أشياء يجب ألا تغيب عن بالنا.. وبغض النظر عن التفاصيل فالدرس الذي يجب علينا أن نتعلمه هو أننا بشر، والشعور بالذنب أو الندم صفة بشرية، لكن المهم أن نتعلم من أخطائنا ومن أخطاء غيرنا لأننا لن نعيش حتى نجربها كلها.
0 التعليقات :
إرسال تعليق