الخميس، 3 نوفمبر 2011

هل نستطيع أن نحرم أطفالنا من رغباتهم؟



بعض النظريات المتداولة والحديثة في علم النفس تحث على الأسلوب التربوي الناجح في بناء شخصية الطفل عن طريق التعزيز والتدعيم بالهدايا والمكافآت، نتيجة صدور السلوك الإيجابي من الطفل، وذلك لترغيبه في السلوك الإيجابي وبصورة غير مباشرة إبعاده عن السلوك السلبي بشرط أن يكون الأسلوب التربوي متفقا عليه من قبل كل من الأب والأم أيضا، ولكن في كثير من الأحيان ما يحدث على أرض الواقع يغاير ذلك، فنجد أن الأب يتوعد بأن يمنع ابنه من الخروج معه كنوع من العقاب، نتيجة سلوك غير سار قام به الابن ولكنه وبمجرد أن يقف الطفل ليعبر عن ندمه بالبكاء، فإن الأب يستجيب لذلك باصطحابه معه وكأن شيئا لم يكن وهذه للأسف من أسوأ أنواع التربية التي يمارسها الأهل دون أن يعلموا أنهم بذلك يفقدون أطفالهم معايير الصواب والخطأ ومقابل ذلك فإن الطفل في غاية الذكاء لأنه أول ما يمكن أن يكتشفه هو نقاط الضعف والقوة عند والديه دون أن يدركوا هم أنفسهم ذلك، فالرضيع ذو الأشهر الستة من الممكن أن يصرخ بأعلى صوته إذا أراد الحصول على شيء ما إذا تعود أن حصوله على الأشياء يأتي من خلال تلك الوسيلة وسرعان ما يلبي الأهل رغبته فقط من أجل إسكاته.
إن الحرمان من أشياء يحبها الطفل كوسيلة لعقابه هي من أنجح طرق العلاج النفسي في قمع سلوك غير مرغوب، ولكن الالتزام بهذا الحرمان هو شرط أساسي من شروط نجاح العلاج، ولعل حرمان الطفل من الأشياء أو الموضوعات المادية هي التي تكون أكثر تأثيرا من الأمور المعنوية في عمر ما، فحرمانه من لعبة يحبها وهو في عمر السنوات الأربع مثلا هو أكثر تأثيرا من التهديد بمقاطعة الحديث معه، ولعل التدليل في التربية هو الرديف الأول للقسوة في التربية، فالاثنان يصبان في الاتجاه نفسه ولكن التوازن في التربية مدا وجزرا هو الطريق الأمثل لبناء إنسان صالح، فنحن نشاهد بعض المواقف لأطفال يدخلون إلى محال الألعاب ليجمعوا في العربة كل ما يرغبونه، وفي المقابل نجد آباء يضربون أبناءهم من أجل أن يحرموهم من شيء ما يرغبونه وكلا الاتجاهين خاطئ، ومن أهم الموضوعات التي يجب أن يتعلمها الطفل هي كيفية التوفير المادي وذلك من أجل أهمية غرس المعرفة الحقيقية لقيم الأشياء ولا يعني أنه يجب أن يكون الأب فقيرا لتعويد الطفل على تلك الخطوة، ولكن الاستهتار المادي هو الذي زرع أمامنا كثيرا من نماذج رجال عصاميين جمعوا ثروات كبيرة ولكن أبناءهم فرطوا في الطريقة الصحيحة للمحافظة عليها.. التربية فن في غاية الصعوبة وهل نستطيع أن نطبق فعلا ما نتشدق به نظريا على أرض الواقع؟
د. نجلاء أحمد السويل
صحيفة الاقتصادية الالكترونية

0 التعليقات :

إرسال تعليق