لا تقارن نفسك بالغير.. وطوِّر إبداعاتك
"الثقة بالنفس".. كيفما ترى نفسك يراكَ الآخرون!
سامي طالب جامعي، ورغم مستواه المتميز في الدراسة وعلاقاته الاجتماعية الممتازة وعدم معاناته من أي ظروف صعبة.. إلا أنه يشكو من مشكلةٍ عصيبة "ضعف الثقة بالنفس".. الأمر الذي جعل نظرته للمستقبل سوداوية، فـ "الفشل الذريع" هو كل ما يكون متأكداً من أنه سيحدث حالما يدخل مجالاً جديداً، أو يهمّ بأداء عمل معيّن.. حتّى مستقبله "يراه غامضاً"..
والثقة بالنفس عزيزي القارئ هي خصلة هامة للغاية في عملية تنمية شخصية الإنسان، وهي لا تولد مع المرء بل يكتسبها مع مضيّ العمر.. ولكن ما هي الأسباب الرئيسية التي تخلق "إنساناً" ضعيف الثقة بالنفس؟.. دعني هنا أسرد لك أهمّها.. الاعتقاد بأن الآخرين يرون ضعفك وسلبياتك وأنك لا تستطيع إخفاء عيوبك، والقلق المستمر بسبب سعي الإنسان الدائم لأن يكون بأفضل صورة وخوفه من عدم تحقيق ذلك.
الخوف من الفشل
كذلك، الإحساس بالخجل، والخوف من الفشل الذي يعتبر من أبرز أعراض "عدم الثقة بالنفس"، وينتج عند عدم إنجاز الإنسان عمله بشكلٍ تام، أو تأجيله ليومٍ آخر..
ولكن.. هنا علينا أن نعي أن الفشل في مواقف سابقة لا يعني أنه سيكون "النتيجة" الحتمية الملازمة لصاحبه، "فالحياة كلها تتغير، وعلينا النظر إلى الأخطاء السابقة على أنها مصادر مهمة للغاية لمعلومات في غاية الثراء"..
"دعاء" (24 عاماً)، نموذجٌ آخر للشخص ضعيف الشخصية، وقد اكتشفت ذلك في نفسها قبل عشرة أعوامٍ تماماً.. فهي تخجل من مقابلة أحد، وتشعر بالارتباك حال جلوسها في أي اجتماعٍ حتى نسويّ..قالت :"أخاف دائماً من أن ينتقدني أحدهم أو يعلق عليّ بشكل سلبي، فأنا أتأثر بسرعة بأي كلمة تقال لي، ولا أقدر على المواجهة، كل ذلك جعلني إنسانة قلقة دائماً".. ولكن ما هو العلاج؟
التنشئة الأسرية
مدرب التنمية البشرية محمد الرنتيسي عزا ضعف ثقة الإنسان بنفسه إلى التنشئة الأسرية، القائمة على أن "الخطأ ممنوع" وأن العقاب هو الحل الأمثل لمن يخطئ، مما يخلق لديه شعوراً بأنه قاصر غير ناجح، ويرسخ لديه عدم الثقة بالنفس، مبينا أن تعرض الإنسان في الكبر لبعض المواقف الصادمة قد يفقده الثقة بنفسه.
ورأى الرنتيسي أنه يمكن للإنسان أن يتغلب على ضعف ثقته بنفسه، بالتفكير في نقاط القوة لديه، وأن يتغلب على قناعة أن الخطأ والفشل عيب، ونهاية العالم حتى لا يفقد ثقته بنفسه عند أي مشكلة تحدث له، مشيراً إلى أن الإنسان لا بد أن يقنع نفسه، أن أي فشل ليس نهاية العالم، وأنه سيحاول وسيبذل كل جهده لعلاج السبب بالمستقبل وسيكرر المحاولة ويبدأ من جديد.
ودعا الرنتيسي من يعاني من هذه المشكلة أن يتعرف على السبب الرئيسي لها، فيتحدث مع نفسه بصراحة حول أسبابها، مع عدم تحميل الآخرين أخطاءه، ومن ثم البحث عن حل.
معتقداتك عن نفسك
وأكد أن ضعف الثقة بالنفس له علاقة بمعتقدات الإنسان عن نفسه، قائلاً :"ما تعتقده عن نفسك تصيره، فإذا اعتبرت نفسك إنسانا ناجحا ستنجح ، وإذا اعتقدت العكس ستفشل، وأن الخطأ ليس جريمة ، وأن كل إنسان معرض للخطأ، ولكن هناك دائما فرصة للتعديل".
وبين الرنتيسي أن الإنسان يمكن أن يغير طريقة حياته إذا ما غير معتقداته وأفكاره، مضيفاً :"الثقة بالنفس فكرة تولدها في دماغك وتتجاوب معها، بطريقةٍ سلبية كانت أم إيجابية وتسيرها حسب اعتقاداتك".
ابتعد عن المقارنة
ولفت الرنتيسي إلى ضرورة ألا يقارن الإنسان نفسه بغيره، وأن يرضى بنفسه وبمميزاته، قائلا :"ابتعد تماما عن المقارنة ولا تسمح لنفسك إطلاقا أن تقارن نفسك بالآخرين، حتى لا تكسر ثقتك بقدرتك وتذكر أنه لا يوجد إنسان عبقري في كل شيء، فقط ركز على إبداعاتك وعلى ما تعرف أبرزه، وحاول تطوير هواياتك الشخصية، وكنتيجة لذلك حاول أن تكون ما تريده أنت لا ما يريده الآخرون، اختر مثلاً أعلى لك وادرس حياته وأسلوبه وأحرص على أن تكون مثله وتعلم من سيرته الذاتية".
وأشار إلى أن الثقة شيء ذاتي، فإذا الإنسان لم يقرر أن يثق بذاته فإنه لا أحد سيفعل ذلك نيابة عنه، مبينا أنه لكي ينمي الإنسان ثقته بذاته لا بد أن يضع لنفسه أهدافاً، ويقبل بتحمل المسئولية، فهي تشعره بأهميته، ويتحدث مع نفسه حديثا إيجابيا كل يوم، مع تحديد ما الذي سيفعله خلال اليوم في بدايته.
وتابع الرنتيسي: "شارك في المناقشات واهتم بتثقيف نفسك من خلال القراءة في كل المجالات، واشغل نفسك بمساعدة الآخرين وذلك سوف يزيد ثقتك في نفسك عند سماع كلمة شكراً، كما أن اهتمامك بمظهرك يجعلك في حالة نفسية مستقرة".
وقد يكون من المفيد أن تعلم عزيزي القارئ أن اكتشافك لذاتك سيساعدك على تطوير مقدرتك النفسية على مقاومة التوتر والقلق والاكتئاب، واكتشاف ما لديك من مهارات يمكن أن تستغلها في مجال عملك وتجني العديد من المكاسب.
حدد أهدافك
فمرحلة اكتشاف الذات تعد "مرحلة خطيرة" لأنها ترسم مسار الإنسان في رحلته مدى الحياة ، وهي تتطلب من الإنسان أن يوقظ نفسه بمعنى أن يتوقف لفترة قد تطول أو تقصر عن مجاراة هذا العالم، تطلب منه طرح أسئلة معينة على النفس: من أنا ؟ ماذا أفعل في هذه الدنيا؟ ماذا أعرف عن نفسي؟ وبعد الإجابة عن الأسئلة السابقة يجب عليك أن تحدد الأهداف التي تهمك، والتي ستستخدمها في خطتك، قم بعمل قائمة بكل شيء تتمنى أو تحلم بتحقيقه، في شتى مجالات حياتك، أيا كان هذا الحلم صغيرا أم كبيرا، اكتبه على الورق.
فكتابتك لكل أهدافك على الورق في هذه المرحلة ستوسع من أفق تفكيرك ، وتجعلك تفكر في طرق مبتكرة لتحقيق هذا الهدف، عليك أن تقرأ خطتك وأهدافك في كل فرصة من يومك، والتفكير في ما تملك من إمكانيات لتحقيق هذه الأهداف.
واعلم أن هناك شروطاً لا بد من توافرها كي تتطور شخصية الفرد، منها النظر دوما إلى هدف أسمى، والاقتناع بضرورة التغيير، والشعور بالمسئولية.
غزة- فاطمة الزهراء العويني- onislam
0 التعليقات :
إرسال تعليق